قبسُُ ُ من نُور النبوةَ .. قصرْ الامــلِ ~
صفحة 1 من اصل 1
قبسُُ ُ من نُور النبوةَ .. قصرْ الامــلِ ~
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
ـ وبعد
ومع حلقة من~ (قبس من نور النبوة).
عن ابن عمر رضى الله عنهما قال :"أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمَنْكَِبىَّ فقال : كُنْ فى الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل. وكان ابن عمر رضى الله عنهما يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك" رواه البخارى.
أخى المستمع الكريم ... هذا الحديث أصل فى قصر الأمل فى الدنيا، فإن المؤمن لا ينبغى له أن يتخذ الدنيا وطنا ومسكنًا فيطمئن فيها، ولكن ينبغى أن يكون فيها كأنه على جناح سفر، وقد اتفقت على ذلك وصايا الأنبياء وأتباعهم قال تعالى حاكيًا عن مؤمن آل فرعون أنه قال (إنما هذه الحياةُ الدنيا متاع وإن الآخرة هى دار القرار) وكان صلى الله عليه وسلم يقول: " مالى وللدنيا ، إنما مثلى ومثل الدنيا كمثل راكب قال فى ظل شجرة ثم راح وتركها ". ومن وصايا المسيح عليه السلام أنه قال لأصحابه عن الدنيا : اعبروها ولا تعمروها.
ودخل رجل على أبى ذر رضى الله عنه فجعل يُقلّبُ بصره فى بيته فقال : يا أبا ذر ، أين متاعكم ؟ فقال : إن لنا بيتًا نتوجه إليه. فقال : إنه لا بد لك من متاع ما دمت ها هنا . فقال : إن صاحب المنزل لا يدعنا ها هنا.
ودخلوا على بعض الصالحين فقلبوا بصرهم فى بيته فقالوا : إنا نرى بيتك بيت رجل مرتحِل، فقال : لا أرتحلُ ، ولكن أُطردُ طردًا.
وكان على بن أبى طالب رضى الله عنه يقول : "إن الدنيا قد ارتحلت مدبرة، وإن الآخرة قد ارتحلت مقبلة، ولكلٍ منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب، وغدًا حساب ولا عمل.
أخى الحبيب ... وإذا لم تكن الدنيا للمؤمن دار إقامة ولا وطنًا، فينبغى للمؤمن أن يكون حاله فيها على أحد حالين : إما أن يكون كأنه غريب مقيم فى بلد غربة همُّه التزود للرجوع إلى وطنه، أو يكون كأنه مسافر غير مقيم البتة. بل هو ليلَه ونهارَه يسير إلى بلد الإقامة . وهذا ما يبينه حديث حلقتنا، لقد شبه النبى صلى الله عليه وسلم الناسكَ السالك لطريق الآخرة بالغريب الذى ليس له سكن يؤويه ولا مسكن يسكنه، ثم ترقى وأضرب عنه إلى عابر السبيل ! لأن الغريب قد يبقى فى بلاد الغربة مدة، بخلاف عابر السبيل القاصد لبلد شاسع، وبينهما أودية مُردية، ومفاوزُ مهلكة، وقطاع طريق، فإن من شأنه أن لا يقيم لحظة ولا يسكن لمحة.
سبيلك فى الدنيا سبيلُ مسافرٍ*** ولا بُد من زادٍ لكل مسافـرِ
ولا بد للإنسان من حَمْل عُدَّةٍ *** ولا سيما إن خاف صولة قاهرِ
وقوله (خذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك) يعنى : اغتنم الأعمال الصالحة فى الصحة قبل أن يحول بينك وبينها السَقَمُ. وفى الحياة قبل أن يحول بينك وبينها الموت.
قال أبو حازم رحمه الله: إن بضاعة الآخرة كاسدة يوشك أن تَنْفَقَ، فلا يوصلُ منها إلى قليل ولا كثير. ومتى حِيل بين الإنسان والعمل لم يبق له إلا الحسرةُ والأسفُ عليه، ويتمنى الرجوعَ إلى حال يتمكن فيه من العمل فلا تنفعه الأمنية. قال تعالى (حتى إذا جاء أحدهم الموتُ قال رب ارجعون لعلى أعمل صالحًا فيما تركت. كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون) وقال تعالى : (وانقفوا مما رزقناكم من قبل أن يأتى أحدَكم الموت فيقولَ ربّ لولا أخرتنى إلى أجلٍ قريبٍ فأصّدّق وأكن من الصالحين. ولن يؤخر اللهُ نفسًا إذا جاء أجلُها) وفى الترمذى عن أبى هريرة مرفوعًا: "ما من ميت يموت إلا ندم. قالوا : وما ندامته ؟ قال : إن كان محسنًا ندم أن لا يكون ازداد، وإن كان مسيئًا ندم أن لا يكون استعتب" أى رجع عن الإساءة وطلب الرضا.
أخى المستمع الكريم ... فإذا كان الأمر على هذا فيتعين على المؤمن اغتنامُ ما بقى من عمره، فاليومُ الذى يمضى لا يعود
مضى أمسُك الماضى شهيدًا مُعَدَّلا *** وأعقبه يومٌ عليك جديدُ
فإن كنتَ بالأمسِ اقترفتَ إسـاءةً*** فَثَنِّ بإحسانٍ وأنتَ حميدُ
أيها المستمع الكريم.... ومما أُثر عن لقمان الحكيم : "يا بُنى إن الدنيا بحر عميق، وقد غرق فيه ناسٌ كثير، فلتكن سفينتك فيها تقوى الله عز وجل ، وحشوها الإيمان بالله تعالى، وشراعُها التوكل على الله عز وجل، لعلك تنجو، وما أراك ناجيًا"
أيا من عاشَ فى الدنيا طويـلا *** وأفنى العمَر فـى قِيلٍ وقـالِ
وأتعبَ نفسَه فيمـا سَيَفْنَــى *** وجَمَّعَ من حـرامٍ أو حـلال
هَبِ الدنيا تُقاد إليك عفــوًا أليس مصير ذاك إلى زوال ؟
وما أحسن ما قال أحدُ الوعاظ هب الدنيا فى يديك، ومثلَها ضُمّ إليك، والمشرقَ والمغربَ جاءا إليك ، فجاءك الموت ... ماذا فى يديك ؟ وإذا كنا معاشر الإخوان الكرام واثقين من هذا المصير، فلماذا لا نركب سفينة النجاة ونكون ممن عناهم القائل بقوله:
إنَّ لله عبـادًا فُـطَنـا *** طَلَّقوُا الدنيا وخافُوا الفِتَنَا
نظروا فيها فلمَّا عَلِموا *** أنها ليست لِـحَىٍّ وَطَـنَا
جعلوها لُجَّةً واتخـذوا *** صالحَ الأعمالِ فيهـا سُفنا
أخى الكريم ... وأما وصية ابن عمر رضى الله عنهما فهى مأخوذة من الحديث نفسه ، وهى متضمنة لنهاية قصر الأمل، وأن الإنسان إذا أمسى لا ينتظر الصباح، وإذا أصبح لا ينتظر المساء، بل يظن أن أجله يُدرك قبل ذلك وما أدرى وإنْ أَمَّلْتُ عمرًا لَعَلِّى حين أُصْبِحُ لَسْتُ أُمْسِى
وفى الأثر أن نبى الله عيسى كان يسير فى طريق فلقيه رجل فقال له أسألك الصحبة يا روح الله. فأذن له، وكان مع عيسى عليه السلام ثلاثة أرغفة. فأعطاه رغيفا وأخذ رغيفا وأبقى الثالث للحاجة. ثم ذهب عيسى لقضاء حاجة ورجع فلم يجد الرغيف الثالث فسأل صاحبه أين الرغيف ؟ فقال الرجل : لا أدرى. ثم سارا فوجد عيسى ظبيًا فدعاه فذبحه وشواه وأكلاه ثم قال له : قم بأمر الله، فقام الظبى يجرى فقال عيسى : بالذى أراك هذه الآية من صاحب الرغيف الثالث ؟ فقال الرجل : لا أدرى
ثم مر عيسى بجبل فقال : كن ذهبا بإذن الله فكان ذهبا فقال عيسى بالذى أراك هذه الآية من صاحب الرغيف الثالث ؟ فقال الرجل لا أدرى.
فقال عيسى : إذًا نقسم الجبل ثلاثا : ثلث لى وثلث لك وثلث لصاحب الرغيف الثالث. فقال الرجل أنا صاحب الرغيف الثالث.
فقال له عيسى : خذ الجبل كله ولكن لا تصحبنا (فخسر الرجل صحبة نبى الله) ثم طلع على الرجل قَاطِعَا طريقٍ فأرادا قتله فقال لهما لا تفعلا ولنقسم الجبل، ثم ذهب أحدهم ليأتى لهم بطعام وأضمر فى نفسه أن يَسُمَّهما. وكذلك اجتمعا على قتله حين يرجع بالطعام. فلما رجع وثبا عليه فقتلاه ثم أكلا الطعام فماتا. فمر عيسى وحَوَارِيُّوه على هؤلاء الثلاثة فقال لهم عيسى : هذه الدنيا فاحذروها.
أخى الحبيب ... إذا علمنا هذا فينبغى ألا نطيل الآمال فى الدنيا، ولنكن منها على حذر (وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور).
ولقد أحسن من قال:
وَمَنْ يَذُقِ الدنيا فـإنى طَعِمْتُها*** وسِيقَ إلينا عَذْبُهـا وعَذَابُهـا
فلم أرَها إلا غُـرورًا وبـاطلا*** كما لَاَحَ فى ظَهْرِ الفَلاةِ سَرابُها
وما هى إلا جِيفـةٌ مستحيلَـةٌ*** عليهـا كـلابٌ همُّهنُ اجتذابُها
فإن تجَتنِْبها كنتَ سِلْمًا لأهلهـا*** وإن تجتذبهـا نازعَتْك كِلاَبُهـا
فَدَعْ عنك فضْلاتِ الأمورِ فإنها *** حرامٌ على نَفْسِ التَّقى ارتكابُهـا
اللهم ارزقنا العلم وخير العمل، واجعل خير عمرنا آخره، وخير أعمالنا خواتمها، وأحسن قدومنا عليك.
هذا وبالله التوفيق
ـ وبعد
ومع حلقة من~ (قبس من نور النبوة).
عن ابن عمر رضى الله عنهما قال :"أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمَنْكَِبىَّ فقال : كُنْ فى الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل. وكان ابن عمر رضى الله عنهما يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك" رواه البخارى.
أخى المستمع الكريم ... هذا الحديث أصل فى قصر الأمل فى الدنيا، فإن المؤمن لا ينبغى له أن يتخذ الدنيا وطنا ومسكنًا فيطمئن فيها، ولكن ينبغى أن يكون فيها كأنه على جناح سفر، وقد اتفقت على ذلك وصايا الأنبياء وأتباعهم قال تعالى حاكيًا عن مؤمن آل فرعون أنه قال (إنما هذه الحياةُ الدنيا متاع وإن الآخرة هى دار القرار) وكان صلى الله عليه وسلم يقول: " مالى وللدنيا ، إنما مثلى ومثل الدنيا كمثل راكب قال فى ظل شجرة ثم راح وتركها ". ومن وصايا المسيح عليه السلام أنه قال لأصحابه عن الدنيا : اعبروها ولا تعمروها.
ودخل رجل على أبى ذر رضى الله عنه فجعل يُقلّبُ بصره فى بيته فقال : يا أبا ذر ، أين متاعكم ؟ فقال : إن لنا بيتًا نتوجه إليه. فقال : إنه لا بد لك من متاع ما دمت ها هنا . فقال : إن صاحب المنزل لا يدعنا ها هنا.
ودخلوا على بعض الصالحين فقلبوا بصرهم فى بيته فقالوا : إنا نرى بيتك بيت رجل مرتحِل، فقال : لا أرتحلُ ، ولكن أُطردُ طردًا.
وكان على بن أبى طالب رضى الله عنه يقول : "إن الدنيا قد ارتحلت مدبرة، وإن الآخرة قد ارتحلت مقبلة، ولكلٍ منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب، وغدًا حساب ولا عمل.
أخى الحبيب ... وإذا لم تكن الدنيا للمؤمن دار إقامة ولا وطنًا، فينبغى للمؤمن أن يكون حاله فيها على أحد حالين : إما أن يكون كأنه غريب مقيم فى بلد غربة همُّه التزود للرجوع إلى وطنه، أو يكون كأنه مسافر غير مقيم البتة. بل هو ليلَه ونهارَه يسير إلى بلد الإقامة . وهذا ما يبينه حديث حلقتنا، لقد شبه النبى صلى الله عليه وسلم الناسكَ السالك لطريق الآخرة بالغريب الذى ليس له سكن يؤويه ولا مسكن يسكنه، ثم ترقى وأضرب عنه إلى عابر السبيل ! لأن الغريب قد يبقى فى بلاد الغربة مدة، بخلاف عابر السبيل القاصد لبلد شاسع، وبينهما أودية مُردية، ومفاوزُ مهلكة، وقطاع طريق، فإن من شأنه أن لا يقيم لحظة ولا يسكن لمحة.
سبيلك فى الدنيا سبيلُ مسافرٍ*** ولا بُد من زادٍ لكل مسافـرِ
ولا بد للإنسان من حَمْل عُدَّةٍ *** ولا سيما إن خاف صولة قاهرِ
وقوله (خذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك) يعنى : اغتنم الأعمال الصالحة فى الصحة قبل أن يحول بينك وبينها السَقَمُ. وفى الحياة قبل أن يحول بينك وبينها الموت.
قال أبو حازم رحمه الله: إن بضاعة الآخرة كاسدة يوشك أن تَنْفَقَ، فلا يوصلُ منها إلى قليل ولا كثير. ومتى حِيل بين الإنسان والعمل لم يبق له إلا الحسرةُ والأسفُ عليه، ويتمنى الرجوعَ إلى حال يتمكن فيه من العمل فلا تنفعه الأمنية. قال تعالى (حتى إذا جاء أحدهم الموتُ قال رب ارجعون لعلى أعمل صالحًا فيما تركت. كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون) وقال تعالى : (وانقفوا مما رزقناكم من قبل أن يأتى أحدَكم الموت فيقولَ ربّ لولا أخرتنى إلى أجلٍ قريبٍ فأصّدّق وأكن من الصالحين. ولن يؤخر اللهُ نفسًا إذا جاء أجلُها) وفى الترمذى عن أبى هريرة مرفوعًا: "ما من ميت يموت إلا ندم. قالوا : وما ندامته ؟ قال : إن كان محسنًا ندم أن لا يكون ازداد، وإن كان مسيئًا ندم أن لا يكون استعتب" أى رجع عن الإساءة وطلب الرضا.
أخى المستمع الكريم ... فإذا كان الأمر على هذا فيتعين على المؤمن اغتنامُ ما بقى من عمره، فاليومُ الذى يمضى لا يعود
مضى أمسُك الماضى شهيدًا مُعَدَّلا *** وأعقبه يومٌ عليك جديدُ
فإن كنتَ بالأمسِ اقترفتَ إسـاءةً*** فَثَنِّ بإحسانٍ وأنتَ حميدُ
أيها المستمع الكريم.... ومما أُثر عن لقمان الحكيم : "يا بُنى إن الدنيا بحر عميق، وقد غرق فيه ناسٌ كثير، فلتكن سفينتك فيها تقوى الله عز وجل ، وحشوها الإيمان بالله تعالى، وشراعُها التوكل على الله عز وجل، لعلك تنجو، وما أراك ناجيًا"
أيا من عاشَ فى الدنيا طويـلا *** وأفنى العمَر فـى قِيلٍ وقـالِ
وأتعبَ نفسَه فيمـا سَيَفْنَــى *** وجَمَّعَ من حـرامٍ أو حـلال
هَبِ الدنيا تُقاد إليك عفــوًا أليس مصير ذاك إلى زوال ؟
وما أحسن ما قال أحدُ الوعاظ هب الدنيا فى يديك، ومثلَها ضُمّ إليك، والمشرقَ والمغربَ جاءا إليك ، فجاءك الموت ... ماذا فى يديك ؟ وإذا كنا معاشر الإخوان الكرام واثقين من هذا المصير، فلماذا لا نركب سفينة النجاة ونكون ممن عناهم القائل بقوله:
إنَّ لله عبـادًا فُـطَنـا *** طَلَّقوُا الدنيا وخافُوا الفِتَنَا
نظروا فيها فلمَّا عَلِموا *** أنها ليست لِـحَىٍّ وَطَـنَا
جعلوها لُجَّةً واتخـذوا *** صالحَ الأعمالِ فيهـا سُفنا
أخى الكريم ... وأما وصية ابن عمر رضى الله عنهما فهى مأخوذة من الحديث نفسه ، وهى متضمنة لنهاية قصر الأمل، وأن الإنسان إذا أمسى لا ينتظر الصباح، وإذا أصبح لا ينتظر المساء، بل يظن أن أجله يُدرك قبل ذلك وما أدرى وإنْ أَمَّلْتُ عمرًا لَعَلِّى حين أُصْبِحُ لَسْتُ أُمْسِى
وفى الأثر أن نبى الله عيسى كان يسير فى طريق فلقيه رجل فقال له أسألك الصحبة يا روح الله. فأذن له، وكان مع عيسى عليه السلام ثلاثة أرغفة. فأعطاه رغيفا وأخذ رغيفا وأبقى الثالث للحاجة. ثم ذهب عيسى لقضاء حاجة ورجع فلم يجد الرغيف الثالث فسأل صاحبه أين الرغيف ؟ فقال الرجل : لا أدرى. ثم سارا فوجد عيسى ظبيًا فدعاه فذبحه وشواه وأكلاه ثم قال له : قم بأمر الله، فقام الظبى يجرى فقال عيسى : بالذى أراك هذه الآية من صاحب الرغيف الثالث ؟ فقال الرجل : لا أدرى
ثم مر عيسى بجبل فقال : كن ذهبا بإذن الله فكان ذهبا فقال عيسى بالذى أراك هذه الآية من صاحب الرغيف الثالث ؟ فقال الرجل لا أدرى.
فقال عيسى : إذًا نقسم الجبل ثلاثا : ثلث لى وثلث لك وثلث لصاحب الرغيف الثالث. فقال الرجل أنا صاحب الرغيف الثالث.
فقال له عيسى : خذ الجبل كله ولكن لا تصحبنا (فخسر الرجل صحبة نبى الله) ثم طلع على الرجل قَاطِعَا طريقٍ فأرادا قتله فقال لهما لا تفعلا ولنقسم الجبل، ثم ذهب أحدهم ليأتى لهم بطعام وأضمر فى نفسه أن يَسُمَّهما. وكذلك اجتمعا على قتله حين يرجع بالطعام. فلما رجع وثبا عليه فقتلاه ثم أكلا الطعام فماتا. فمر عيسى وحَوَارِيُّوه على هؤلاء الثلاثة فقال لهم عيسى : هذه الدنيا فاحذروها.
أخى الحبيب ... إذا علمنا هذا فينبغى ألا نطيل الآمال فى الدنيا، ولنكن منها على حذر (وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور).
ولقد أحسن من قال:
وَمَنْ يَذُقِ الدنيا فـإنى طَعِمْتُها*** وسِيقَ إلينا عَذْبُهـا وعَذَابُهـا
فلم أرَها إلا غُـرورًا وبـاطلا*** كما لَاَحَ فى ظَهْرِ الفَلاةِ سَرابُها
وما هى إلا جِيفـةٌ مستحيلَـةٌ*** عليهـا كـلابٌ همُّهنُ اجتذابُها
فإن تجَتنِْبها كنتَ سِلْمًا لأهلهـا*** وإن تجتذبهـا نازعَتْك كِلاَبُهـا
فَدَعْ عنك فضْلاتِ الأمورِ فإنها *** حرامٌ على نَفْسِ التَّقى ارتكابُهـا
اللهم ارزقنا العلم وخير العمل، واجعل خير عمرنا آخره، وخير أعمالنا خواتمها، وأحسن قدومنا عليك.
هذا وبالله التوفيق
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى